يمكن أن نقول إنّه تكاد لا تخلو حياة زوجية من مشاكل، وهذا الأمر طبيعي وليس مستغرباً، فعند اختلاف الثقافات والتجارب والأنماط الفكرية في التحليل والاستنتاج، من المسلّم به في هذه الحالة أن يكون تنوُّع الآراء والمواقف هو الحاكم وسيّد الموقف. وهذا عامل قوّة في الحياة الزوجية وليس ضعفاً، كما يظنّ البعض؛ لأنّ هذا الخلاف من المفترض أن يتحوّل إلى أرضية خصبة وصالحة لبدء نقاش بنّاء وفعّال بين الزوجين، مع ما سوف يصاحب هذا النقاش من عملية إقناع متبادل وتلاقي في الفكر، ومحاولة لفهم الطرف الأخر أكثر فأكثر. وبالتالي، نحن أمام فرصة حقيقية لتطوير العلاقة بين الزوجين وتمتينها وتقويتها من خلال الحوار والنقاش المباشر؛ بهدف إيجاد الحلول المناسبة والصحيحة للخلافات التي يمكن أن تطرأ على الحياة الزوجية، ولكن بشرط أن يكون هذا النقاش خاضعاً للمعايير والضوابط الدينية والتربوية.

أسباب الخلافات الزوجية
هناك أسباب وعوامل عديدة يمكن أن تؤدّي إلى الوقوع في النزاعات والخلافات الزوجية، نقوم هنا بذكر بعض هذه الأسباب وأكثرها ابتلاءً:

1. عدم الالتزام بالشرع المقدّس:

لقد وضع الله تعالى القوانين لتنظيم العلاقة الزوجيَّة، وجعلها على أفضل وجه؛ من أجل تأمين حياة زوجية سعيدة، وعندما يتخلّى الإنسان عن هذه الحدود الشرعية ويتجاوزها؛ فإنّه سيُهدّد الحياة الزوجيَّة برمّتها. من هنا، كان من الواجب على كلا الزوجين أن يتعرّفا على الأحكام الشرعية المتعلّقة بحقوق كلّ منهما تجاه الآخر، وأن يحيط كلّ منهما علماً بالحقوق الزوجيَّة وآداب العلاقة التي ينبغي أن تحكم هذه الحياة الخاصّة، حتى يتمّ تحصيل الحصانة اللازمة التي تحمي بنيان الأسرة من التصدّع.

2. سوء التقدير:

الناشىء، عن الجهل بالطرف الآخر، والجهل بخصوصيّاته البدنيّة والروحيّة. فالرجل ليس كالمرأة، بل لكلٍّ منهما خصائصه ومميّزاته الجسديّة والنفسيّة، وهذا ما سوف ينعكس على شخصية الإنسان وأفكاره ومواقفه وبالتالي على تفاعله مع الأحداث والمواقف الحياتية المختلفة. لذا ليس من الصحيح أن يعامل كلّ منهما الآخر من منطلق تكوينه الشخصيّ وطريقته الخاصّة، بل ينبغي ـ قبل كلّ شيء ـ الإقرار بوجود هذا الاختلاف والتفاوت، ثمّ العمل على أساسه. أمّا عدم الإقرار بهذه الحقيقة التكوينية، أو الإقرار بها مع عدم العمل بمقتضاها؛ فهذا ما سوف يؤدّي إلى الدخول في دوّامة المشاكل الزوجية التي لا تنتهي، وبالتالي سيشكّل خطراً حقيقياً على ديمومة هذه الحياة واستمراريّتها. لذلك، فإنّ المعرفة الدقيقة والصحيحة بالطرف الآخر يساعد كثيراً على فهمه وفهم تصرّفاته وسلوكيّاته، بنحو يساعد على تحصيل التوافق والانسجام بدرجة أكبر.

3. عدم الواقعية:

إنَّ التصوّرات الخاطئة أو الخياليّة عن الحياة والمستقبل تُعدّ من المشاكل التي غالباً ما تعترض الأزواج، فالشاب والفتاة أحياناً كثيرة يعيشان في عالمٍ من الأحلام الورديَّة، ويتصوَّران أنَّ المستقبل سيكون جنَّة وارفةً الظِّلال كما في القصص الخيالية، حتى إذا دخلا دنياهما الجديدة باحثين عن تلك الجنّة الموعودة فلا يعثران عليها، فيلقي كلّ منهما اللوم على الآخر محمّلاً إياه مسؤولية ذلك الفشل. لتبدأ بعد ذلك فصول من النزاع المرير الذي يُفقد الحياة طعمها ومعناها. فكلٌّ يتّهم الآخر بالتقصير والخداع، ملقياً بالتبعة على شريكه. في حين أنّ الأمر لا يتطلّب سوى نظرة واقعية للأمور.

4. رتابة الحياة:

من الأمور المهمّة التي تُمهّد الأرضية للخلاف بين الزوجين هي: رتابة الحياة اليومية. فبعد فترة طويلة من البرنامج اليومي المتكرّر يشعر بعدها الزوجين بالملل، فتظهر الخلافات بينهما، ويبدأ كلّ منهما بانتقاد الآخر على أسس ومعايير خاطئة وغير صحيحة. لذا ينبغي على كلا الزوجين الخروج من فخّ الملل والروتين اليومي للحياة، والدخول في عملية تجدّد وتطوير دائم، والظهور بصور ومواقف جديدة. وهذا ما يوصي به ديننا الحنيف؛ كالتجدّد، والتجمّل من خلالِ اللباسِ والمظهر -على سبيل المثال لا الحصر…

نبذة عن الجمعية المصرية للتوعية والصحة النفسية " وعــي "

مستشفي قصر المعادي للطب النفسي